الخميس، 24 نوفمبر 2022

بقلم/عبد الجابر حبيب

 /وصمة الصمت /


زفرة الجهات ماهي ألا

قذيفة أخرى

بطائرة مسيرة 

أو بمدفعية همجية في الجوار 

تدمر جسراً، تقتلع شجراً

تحرق بيتاً ،ترمل امرأة 

تثكل أماً، تيتم ابناً.

تعاقب هنافتاة 

بزنارها الذهبي 

أوبكحلها الرمادي

لالشيءٍ على الإطلاق 

سوى أنها 

تبيع زعتراً بريّاً

أوبعضاً من الهندباء

على رصيف مدينتها البائسة،

أوترسم بجدائلها العسلية 

مأساة بيوت مظلمة. 

مدينة تشبه كل المدن،

ولكن شوارعها حبلى بالآهات.


يا لغرابة الشرق  

فتاة أخرى 

تتبرع بنصف عمرها 

للعابرين في متاهة حياتها 

دون مكان، أو موعد للقاء.

تفتح دفاتر أشواقها 

للذكريات الصغيرة

ترتل رسائل الموتى المسافرين 

إلى جهة أخرى من صدى الكلمات. 


لولا ذلك القمر العابر بالجثث 

على حدود جراحنا 

لسقطت آخر نجمة ساهرة 

 في صندوق ليل أبدي،

وغرقت بصمت 

في عذاب عتمة الأرواح.


بلا انتظار للصباح 

أو بلا شغف للزقزقة

على حواف فجر أجرد كالصحراء.

تتهيأ عصافير الأحياء للانتحار 

في أقفاصها الشاحبة 

بلون الموت.

من أين للعصافير المسجونة  

أن تشرع أبواباً للأمل

أيها القابع في قاع بلا قاع

في عمق حزن يداهمنا 

كوحشين مفترسين.


يا لذاك الفلاح المجنون  

يبذر الحَبَّ 

في أرض خواء بلا مطر 

بلا قطرة في السحابة العابرة

في سراب أمنياتنا المترهلة،

أو حتى بلا جرعة أمل.

ولكن ....

رغم الزوابع الدائرة فوق رؤوسنا 

أقسم فلاح قريتنا بتراب حقله

بألا يغادر بيته المدمر 

أقسم في نهاية كل صلاة 

أن ينتظر صدى الرعد 

وبريقاً يومض كقبلة عاشق

في وجه حسناء البيدر 


من تحت جسر أوهامهم  

ظنوا أنهم سينتشلون 

أسطورة الشمس 

من بين الرماد.

لا....لا ....لا ...

لامجال للهبوط 

في أوردة النسيان،

حتى لو سرنا 

في درب محفوف بالغموض

كَيومنا هذا بلا ملامح 


اليوم يا صديقي 

احتفلوا بآخر شهيد ودَّعوه

حقاً أيها العرَّاف العجوز

ليس أمام الكوردي 

سوى أن يقرع طبول القيامة 

ليوقظ إسرافيل من نومه العميق 

ليكتب قصائد الحرية لوطن جريح

ليرسم خارطةبلاده المحاصرة 

بمخالب الجهات 

على الكفن الأبيض للشهيد 

على جدار الروح الثائرة في المساء

فلا معين غير الجبال سنداً

بعدما كشف الحليف القناع

عن وجهه المقنع بالنفاق،

وعلى هامش الرذالة

بات حليفنا يغمض الأجفان 

بينما يتكالب الأعداء 

حول أسوار بيتنا الصغير،

يريدون تمزيق الجذور

وقطع الجذوع

لأشجار زرعناها بدموع رقراقة

على امتداد أعمارنا 

حتى كادت ثمارها تنضج

على مائدة أحلامنا المشروعة.


يا لقذارة شارب النفط

من فنجان الغدر 

يبيع وفاءك، والسماء 

حتى بات وطنك أيها  الكوردي 

في المزاد العلني 

على سجادة الأعداء 

مَن يقصفه أكثر، يربح الصفقة، 

وأبقى وحيداً تحت سفح الجبل

أندب حظي العاثر 

لِمَ العالم يستمتع بعذابي...؟


أيها المبحر في ذاتي 

قل لبائعة الهندباء:

غداً ستشرق الشمس من جديد

ستشع روحها مع الأفق

وتعانق بيوت مدينة

لاتعترف بالموت وريثاً


...عبدالجابر حبيب ...




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بقلم/ محمد السر شرف الدين

 وشاية نعتني بقصيدة البست كل الحروف أكفان الحداد والنقاط مزّقت ثوب الحبور هل كل ذلك صدى حديث مفترى يرمون بذرة حقدهم مثل الأفاعي بالنعومة وال...